الاثنين، 21 أكتوبر 2019

طيْف الموت

Francis Bacon - Crucifixion




أَنَا وَاللَّيْل
وَذِكْرَى أَلْيمَة.

وَحِيدًا أَجْلِسُ مُتَأَمِّلًا
كَنَاسِكٍ لَا فَضِيلَةَ لَه،
وَطَيْفُ المَوْتِ يُطِلُّ
بَيْنَ الفَيْنَةِ وَالأُخْرَى.

فِي يُمْنَايَ كَأْسُ نَبِيذ
وَفِي يُسْرَايَ كَأْسُ مَرَار،
وَبَيْنَهُمَا صَدْعٌ قَدِيم
مَزَّقَ فُؤادِيَ الهَشّ.

دُقَّتِ الطُّبُول،
رُمِيَتِ الرِّمَاح،   
وَهَطَلَ صَخْرُ المَنْجَنِيقِ المُدَوِّي.

وَحِيدًا أَقِفُ مُسْتَسْلِمًا
كَمُحَارِبٍ لَا قَضِيَّةَ لَه،
وَالمَوْتُ يُحَدِّقُ بِازْدِرَاء.

تَلَاشَى الصَّبْر،
خَارَتِ الإِرَادَة،
وَبَادَتْ بَقَايَا الجَسَارَة.

مُتَخَشِّبًا أَمَامَ هَوْلِه
كَقُرْبَانٍ لَا عَزَاءَ لَه،
أَتَمَرَّغُ فِي الوَحْلِ مُحَاوِلًا الفِرَار،
لَكِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان،
يُلَاحِقُنِي كَصَاحِبِ ثَأْرٍ حَقُود.

وَاهِنًا أَسْدَلْتُ جَفْنَاي
كَطَرِيدٍ لَا مَلَاذَ لَه،
أُبْصِرُ صَفَاءَ الظُّلْمَة
ثُمَّ رَقَدْتُ خَانِعًا.

جَاءَ بَهِيُّ الطَّلْعَة !
مُتَلَحِّفًا ثَوْبَهُ القَاِتم.

مَدَّ يَدَهُ البَارِدَةَ لِإنْتِشَالِي
وَعَلَوْنَا مَعًا،
بَعِيدًا، بَعِيدًا
بَعِيدًا...